سورة المائدة - تفسير تفسير البيضاوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (المائدة)


        


{لَّقَدْ كَفَرَ الذين قَالُواْ إِنَّ الله هُوَ المسيح ابن مَرْيَمَ} هم الذين قالوا بالاتحاد منهم، وقيل لم يصرح به أحد منهم ولكن لما زعموا أن فيه لاهوتاً وقالوا لا إله إلا الله واحد لزمهم أن يكون هو المسيح فنسب إليهم لازم قولهم توضيحاً لجهلهم وتفضيحاً لمعتقدهم. {قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ الله شَيْئاً} فمن يمنع من قدرته وإرادته شيئاً. {إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ المسيح} عيسى. {ابن مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأرض جَمِيعاً} احتج بذلك على فساد عقولهم وتقريره: أن المسيح مقدور مقهور قابل للفناء كسائر الممكنات ومن كان كذلك فهو بمعزل عن الألوهية. {وَللَّهِ مُلْكُ السموات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاء والله على كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} إزاحة لما عرض لهم من الشبهة في أمره، والمعنى أنه سبحانه وتعالى قادر على الإِطلاق يخلق من غير أصل كما خلق السموات والأرض، ومن أصل كخلق ما بينهما فينشئ من أصل ليس من جنسه كآدم وكثير من الحيوانات، ومن أصل يجانسه إما من ذكر وحده كما خلق حواء أو من أنثى وحدها كعيسى، أو منهما كسائر الناس.


{وَقَالَتِ اليهود والنصارى نَحْنُ أَبْنَاء الله وَأَحِبَّاؤُهُ} أشياع ابنيه عزيراً والمسيح كما قيل لأشياع ابن الزبير الحبيبون أو المقربون عنده قرب الأولاد من والدهم وقد سبق لنحو ذلك مزيد بيان في سورة (آل عمران). {قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم} أي فإن صح ما زعمتم فلم يعذبكم بذنوبكم فإن من كان بهذا المنصب لا يفعل ما يوجب تعذيبه، وقد عذبكم في الدنيا بالقتل والأسر والمسخ واعترفتم بأنه سيعذبكم بالنار أياماً معدودات. {بَلْ أَنتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ} ممن خلقه الله تعالى. {يَغْفِرُ لِمَن يَشَاء} وهم من آمن به وبرسله. {وَيُعَذّبُ مَن يَشَاء} وهم من كفر، والمعنى أنه يعاملكم معاملة سائر الناس لا مزية لكم عنده. {وَللَّهِ مُلْكُ السموات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا} كلها سواء في كونها خلقاً وملكاً له. {وَإِلَيْهِ المصير} فيجازي المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته.


{يَأَهْلَ الكتاب قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيّنُ لَكُمْ} أي الدين، وحذف لظهوره، أو ما كتمتم وحذف لتقدم ذكره ويجوز أن لا يقدر مفعول على معنى يبذل لكم البيان والجملة في موضع الحال أي جاءكم رسولنا مبيناً لكم. {على فَتْرَةٍ مَّنَ الرسل} متعلق بجاءكم أي جاءكم على حين فتور من الإِرسال وانقطاع من الوحي، أو يبين حال من الضمير فيه. {أَن تَقُولُواْ مَا جَاءنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ} كراهة أن تقولوا ذلك وتعتذروا به. {فَقَدْ جَاءكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ} متعلق بمحذوف أي لا تعتذروا ب {مَا جَاءنَا} فقد جاءكم. {والله على كُلّ شَيْء قَدِيرٌ} فيقدر على الإِرسال تترى كما فعل بين موسى وعيسى عليهما الصلاة والسلام، إذ كان بينهما ألف وسبعمائة سنة وألف نبي، وعلى الإِرسال على فترة كما فعل بين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام كان بينهما ستمائة أو خمسمائة وتسع وستون سنة وأربعة أنبياء ثلاثة من بني إسرائيل وواحد من العرب خالد بن سنان العبسي، وفي الآية امتنان عليهم بأن بعث إليهم حين انطمست آثار الوحي وكانوا أحوج ما يكونون إليه.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8